ما زالت إدارات الإعلام والعلاقات العامة في بعض القطاعات الحكومية تفتقر للحنكة والمراس في التواصل مع المجتمع، وتتحدث إليه بلغة يشوبها المنة والتعالي.

وسيكون مثالي على ذلك الرد الإعلامي للدفاع المدني بالرياض على تغريدة الشيخ عادل الكلباني في نقده لهم بطريقة جارحة، تضمنت اقتراحه بـ"مايوه" لكل رجال الدفاع المدني!!

بداية، فقد تعجبت من إدارة الدفاع المدني بالرياض وانغماسها في الرد على تغريدة، لا تحمل أي بعد منطقي في النقد "مع التقدير للشيخ"، ولو فتحت المجال للرد على مثل هذا النوع من النقد لاحتاجت لتوظيف العشرات للتفرغ لذلك، وهذا يدل بطريقة أو بأخرى على ضَعف في المهنية الإعلامية لدى مديرية الدفاع المدني بالرياض، وعدم القدرة على ضبط النفس بشكل متزن تجاه بعض الاستفزازات التي قد تظهر على وسائط الإعلام الاجتماعي، وكان الأجدر بها التفرغ للرد على النقد المبني على الحقائق والوقائع الذي يظهر على الإعلام أو وسائط الإعلام الاجتماعي من حين لآخر.

وفي الشق الآخر فقد ظهر الناطق الإعلامي بصورة نمطية عتيقة عندما بدأ ينهى الشيخ عن عدم التشكيك في جهود الدفاع المدني وإجراءاته، ثم الثناء على الدفاع المدني بأسلوب مبالغ، وبلغة لم تعد مقبولة لا إعلامياً ولا مجتمعياً، وكأنّ الدفاع المدني بدعاً من القطاعات الحكومية الأخرى، وليس لديه قصور أو خلل!!

وهنا أوجّه حديثي لمديرية الدفاع المدني بالرياض بألا تنجرف وراء بعض النقد غير الواقعي، ثم عليها ألا تبالغ في الثناء على جهودها وأنشطتها؛ فالمجتمع لم يعد يقبل هذه اللغة التي قد تُفهم خطأ بأنها لغة تعالٍ، وعدم احترام لعقلية المواطن الواعي والمراقب لأداء الجهات الحكومية، ومعرفته بجوانب الخلل والقصور، عوضاً عن أنها لغة ثناء عالية لا يحبذها ولاة الأمر، في ظل مطالبتهم للقطاعات الحكومية بالشفافية والوضوح مع المواطن.

كما لا يخفى على الدفاع المدني، عوضاً عن المواطنين، القصور والخلل في هذا الجهاز الحكومي، مثله مثل معظم القطاعات الحكومية، والتحديات التي تواجهه من محدودية في الأداء وقصور في بعض التجهيزات والكفاءات.

أما نقد الشيخ الكلباني فلم يكن موفَّقاً البتة؛ فقد جاء لاذعاً، وبطريقة أقرب للتهكم والسخرية، لا تتفق ومكانة الشيخ إماماً وخطيباً وداعية، عوضاً عن مكانته الاجتماعية، فكيف له أن يقول: "نقترح مايوه لكل رجال الدفاع المدني لأنه اتضح أنه أهم أسباب عجزهم في الإنقاذ"؟! فأي نوع هذا من النقد؟!! أرجو ألا يُفهم حديثي هنا بأنني ضد نقد القطاعات الحكومية؛ فهذا حق مكتسب للمواطن، ولا جدال فيه.

المختصر المفيد: علينا بالتوازن في النقد بعيداً عن التهكم والتجريح، ثم على القطاعات الحكومية أن تمتلك سياسة إعلامية واقعية ومتزنة متشربة باحترام عقلية المواطن والمقيم.



http://sabq.org/nd1aCd