شـقـة مبــارك..!!

سبع سنوات كالحلم أمضاها "مبارك" من عمره، يسكن فيها بالإيجار ضمن نسيج من السكان بمختلف الجنسيات واللهجات والثقافات والرؤى والطموحات المخملية، في أحد المجمعات السكنية الكبرى، في مدينة تنام غافية على ضفاف البحر، وتصحو على ضجيج المصانع ونبض الناس المتسارع فيضاً وبقاء..!!

أربع من هذه السنوات الخوالي مرت كلمح البصر دون أن يلتقط أنفاسه على نحو يراجع فيه حسابات الربح والخسارة؛ لم يكن يقرأ فيها حتى فاتورة الكهرباء الخاصة بعداد شقته على الأقل، أو يمنح نفسه وقتاً لمراجعتها ومطابقها بذلك الرقم التسلسلي المسجل على واجهة عداد شقته مكتفياً بنظرة عابرة للأرقام الأولى وحسب، دون تدقيق أو "فحص وتمحيص"، وخصوصاً أن الأرقام الأولى لبقية العدادات متشابهة، هذا بخلاف تقارب مواقع العدادات وتداخلها وملاصقتها بعضها لبعض؛ لذا ظل يسدد فاتورة جاره في تلك العمارة زمناً طويلاً، هكذا اكتشف وضعه وحالته في تلك الفترة بعد رحيل جاره العربي "الأصيل" إلى بلاده بخروج أقرب للنهائي..!!

مبارك الذي يسكن مع عائلته المكونة من "زوجة وطفل" لا يمكن أن يستهلك الكهرباء أكثر من حاجته هو وأسرته الصغيرة، التي تقتات الضوء بواسطة خمسة مصابيح ومكيف منزوٍ، يعمل في أقصى الصالة، فضلاً عن ترشيده أساساً وتخوفه دوماً من ارتفاع الرسوم.. ومع كل هذا الحرص ظلت الفاتورة في قيمتها متأرجحة "ارتفاعاً وهبوطاً"، فتأتي أكثر من استهلاكه الحقيقي أحياناً، ومرات تكون مناسبة لحده الائتماني من الترشيد، لكن المفاجأة اتضحت بوادرها مع بداية السنة الخامسة له في السكن عندما أصبحت معدلات قيمة الفاتورة ثابتة ورسومها مناسبة جدا لمثل حالته من حيث طريقة ترشيده للكهرباء والعمل على هذا النحو من التفكير؛ ليكتشف السر أخيراً بأن السبب متعلق برحيل جاره الذي كان يسكن المجمع ذاته؛ لأنه باختصار يعمل على استبدال الفواتير وتغيير أماكنها داخل العدادات أثناء توزيعها؛ فيضع فاتورته ذات المبلغ المرتفع في عداد مبارك، ويأخذ في المقابل فاتورة مبارك الحقيقية ذات المبلغ البسيط مستمراً على هذا المنوال أربع سنوات مضت..!!

مبارك بعد مرارة هذه التجربة يريد أن يوجه نصيحته للعموم متحدثاً بحسرة بالغة وألم عميق بالقول: إن على الإنسان منا في كل الأحوال تفقد فاتورته "قبل التسديد"، ومطابقتها برقم عداده التابع للشقة التي يسكنها، خاصة حينما تكون بالإيجار؛ حتى لا يتكرر ما حدث له، حينما كان يسدد مبلغاً أكبر من استهلاكه بسبب جاره الذي استغل إهماله وثقته وحسن نيته بعدم مراجعة رقم الفاتورة أو يكلف نفسه بمطابقتها بالعداد التابع لسكنه قبل السداد عن طريق الخصم من الصرافة..!!

التدقيق في التفاصيل الصغيرة قد يراه البعض أمراً مجهداً، لكنه مهم جداً للغاية؛ لأنه سيجنبنا الوقوع في العديد من الأخطاء، خاصة فيما يتعلق بالأرقام الحسابية والمسائل المالية والفواتير المستحقة للدفع؛ حتى لا تتكرر تجربة مبارك من جديد مع أي شخص آخر يسكن بالإيجار في أحد المجمعات السكنية التي تعج بالسكان بمختلف الجنسيات واللهجات والثقافات وطريقة انتهاز الفرص..!!



http://sabq.org/fj1aCd