مقالات اليوم
كلمة الرياض
أحداث تخفيها أخرى!
يوسف الكويليت
لماذا اختفت مواقف ساخنة في بلدان عربية مختلفة، ولا تزال تتواصل أوضاعها، لتغيب في أحداث الثورات العربية، ولتفقد بريقها، وتبقى أخبارها على هوامش وسائل الإعلام المختلفة، وهي التي كانت تحتل الأولوية في تحريك الركود العربي؟!
فالمصالحة الفلسطينية، افترقت حولها التحليلات والأسباب برأيّ يرجح أنها جاءت بعد انفجار الاحتجاجات في سورية، وأن حماس التي طالما اعتمدت عليها وعلى إيران في اتخاذ مواقفها، قرأت المتون من داخلها وتركت الهوامش، وأن قبولها للمصالحة مع الحكومة جاء كاستنتاج لقراءة واقعية فرضت العودة للبيت الجامع للطرفين، ورأيّ آخر يرى أن التغيير حدث لأن الاهتمام في الدولة الثورية انصب على الهمّ الداخلي قبل العربي والإقليمي بفرضية أن الفلسطينيين سيعيشون عزلة مؤقتة لأسباب أهم وأكثر حساسية من قضيتهم..
لبنان يتقدم خطوة، ويتراجع خطوتين، فالتنازع قائم بين الفرقاء حول تشكيل الحكومة، وحزب الله، كمحرّك أساسي لتصعيد الأزمات، بدأ يأخذ بعقيدة (التقية) في معرفة محصول الثورات وخاصة الساحة السورية، ليأتي تقديم الأهم على المهم موضوعاً يفرض إعطاء هدنة مفتوحة بترك المسائل الداخلية اللبنانية للفرقاء الذين يقومون بالدور العام نيابة عن الحزب، وفتح العيون على حليف يقرر مصير كل الأوضاع اللبنانية..
جيش السودان احتل «أبيي» ولم نشهد صخباً بين طرفيْ العلاقة، ولا اهتماماً عربياً أو دولياً إلا بمطالبات أمريكا وبعض الدول الأوروبية سحب القوات منها، بينما كان انفصال الجنوب عن الشمال حدثاً كبيراً، ولحقت دارفور ومسائل الخلافات الداخلية وإدانات الرئيس السوداني من قبل محكمة الجنائية الدولية، بمعنى أن غياب هذه القضايا، على أهميتها، يعطي دلالات أن الثورات عاكست جميع الوقائع لتأخذ مساراً شعبياً، لاحكومياً فقط، وتسرق الأضواء من كل الأحداث التي سبقت تلك الثورات..
لكن ما هو مستقبل ما يجري على نطاق المنطقة كلها، هل ستختفي مسائل كانت جوهرية في ظل أخرى برزت على السطح؟ مثلاً كيف ستُعالج مشكلة مقتل الحريري في لبنان، والسلام بين العرب وإسرائيل، وتعقيدات أوضاع السودان، أمام متغيرات أنهت سلطتين في تونس ومصر، ونيران مستعرة في ليبيا واليمن وسورية؟
المؤكد أن التغيير في هذه البلدان سوف يعيد تشكيل خارطة المنطقة سياسياً واقتصادياً، لأن الأدوار التي تلعبها هذه الدول أكثر من هموم صارت تقليدية ومتداولة من عدة أزمنة، إذ لايمكن معادلة قضية صغيرة أو كبيرة في لبنان بما يجري في مصر، وكذلك الأمر مع سورية فعملية السلام مرتبطة بالنهايات التي ستصل إلى نقطة النهاية في دمشق..
وحتى وضع السودان فهو متلازمٌ مع مجريات الأحداث المصرية، وكذلك تونس مع ليبيا، أي أن قوائم الاهتمامات بدأت تتصاعد لما هو أكثر تغييراً في سلّم الأولويات، ومع أن الأمور في المنطقة متشابكة عضوياً فإن الجامع بينها هو إيقاع جديد لزمن أكثر حداثةً في تسارع وقائعه
الرياض