يحزُّ في النفس أن تصل الرياضة في بلادنا إلى ما وصلت إليه من تدنٍ في المستوى وفي الأخلاق، فنحن - مع الأسف - من قبرنا رياضتنا بأيدينا،بأسباب لا يجهلها كثير من المتابعين للشأن الرياضي في بلادنا العزيزة. لقد أصبح كثير من عاشقي الرياضة عبئاً عليها؛ لأنهم أساؤوا لأنفسهم قبل أن يسيئوا للغير.
فقدت الكرة السعودية هيبتها؛ والسبب الميول والتعصب؛ فهذا مسؤول في موقع من المواقع لا يهمه إلا ناديه ولاعبيه، فإذا تم اختيار تشكيلة المنتخبات فإنه يمارس كل الضغوط لاختيار الغالبية من ناديه، وآخر لا يهمه إلا إسقاط كل من يحاول الوصول إلى ما تحقق لناديه من إنجازاتمعتبراً ذلك تعدياً على حقوقه، والصحيح أن غيره طوَّر نفسه بينما بقي هو يحلم بما حققه من إنجازات سابقة؛ فتوقف عن مسيرة التطوير.
إن الاحتقان الجماهيري في جميع الأندية ولَّد لنا ثقافة كراهية الغير، التي لم تكن موجودة في السابق؛ والسبب يعود إلى الشحن الإعلامي الذي ضاعف من كره الجماهير بعضها لبعض؛ فأصبح جمهور ناد ما يتمنى علانية هزيمة نادي بلده من أي ناد خارجي، ولا أدل على ذلك من التعليقات والمداخلات في الصحف الإلكترونية - ومنها هذه الصحيفة - على خبر هزيمة الأهلي من أولسان الكوري، التي يندى لها الجبين؛ فقد كان بعض المشاركين يبارك للكوريين الانتصار على أبناء بلدهم، وآخرون يحمدون الله أن الأهلي لم ينتصر، وكانت غالبية التعليقات مثاراً للسخرية من كثير من الأشقاء العرب.
وفي شأن آخر، بدأ الحديث هذه الأيام عن شراء الذمم؛ حيث تتم رشوة لاعب لافتعال ضربات جزاء؛ حتى يُعطي النتيجة للخصم، وهذا ما صرَّح به أحد اللاعبين إلى وسائل الإعلام قبل أيام، وهذا لاعب واحد تحدث بما لم يستطع غيره من اللاعبين الحديث عنه. وفي اعتقادي أن هذه مشكلة كبيرة بأن يجتاح الفساد اللاعبين؛ عندها سنجد من يتظاهر بالإصابة، ومن يدَّعي المرض؛ ليقبض ثمن ذلك، وستنتقل العدوى من ناد إلى آخر، ثم إلى الحكام والمدربين والإداريين، ثم إلى المنتخب؛ فمن كان خائناً مع ناديه سيخون الوطن، وعندها سنقول على رياضتنا السلام.
إن ثقافتنا ورياضتنا وإعلامنا أصبحت مكشوفة أمام العالم كله؛ بسبب ما وصلنا إليه من تقنيات عالية إعلامية؛ فلم يعد هناك ما نستطيع إخفاءه؛ فالمعلومة لا تحتاج إلا إلى ثوانٍ للوصول إلى المتلقي، وأصبحنا كتاباً مفتوحاً، لا نستطيع التحكم فيمن يقرؤه.
لقد طلب سمو الأمير سلطان بن فهد الإعفاء من منصبه عندما كان رئيساً عاماً لرعاية الشباب، ثم جاء من بعده الأمير نواف بن فيصل، ولم تمر شهور حتى استقال من رئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم ظناً منه أن ذلك سيُصلح الحال، لكن - مع الأسف - الحال تسوء يوماً بعد يوم؛ لأن من يريد تدمير الرياضة لا يزال في الوسط الرياضي، يمارس هواية الهدم، والخلل لم يتم إصلاحه؛ فلو تمت معاقبة المفسدين، وتمت التضحية بعدد منهم، لاستقامت الأمور، ولكن طالما المفسد لا تناله أي عقوبة فإن المفسدين سيكثرون.
http://sabq.org/JX0aCd