"سيارتنا الأولى" بين التصنيع والتوطين!

بين ناقد وساخر، وبين مثبط ومحتفٍ بلا حدود، استقبل الكتَّاب والمغرِّدون السعوديون خبر افتتاح أول مصنع للسيارات اليابانية في السعودية. كل شخص كان ينطلق في رؤيته من مفاهيم خاصة وعامة تجاه الحدث، في الوقت الذي ترى فيه وزارة التجارة والصناعة في السعودية أن الأمر يوجب الاحتفاء؛ فقد كان حلماً بالنسبة لهم، وأصبح اليوم حقيقة؛ إذ تحققت - بحسب الوزير الربيعة - الخطوة الأولى في طريق الألف ميل!

الوزير أشار في سياق تبرير فرحته تلك إلى أن السيارة الأولى التي صُنعت في السعودية استُخدم فيها منتجات سعودية، مثل البطاريات وبعض الأجهزة!

كل هذا يدعو إلى شيء من التفاؤل، ويدفع بنا في الطريق الذي يوجب علينا جميعاً تعزيز هذه الخطوة بخطوات أكثر فاعلية في المجتمع، الذي بات جل شبابه يشكو من البطالة!

علينا أن ندرك أن أغلب بلدان العالم توجد فيها مصانع عالمية للسيارات، ليس شرطاً أن تكون تلك الصناعات للدولة ذاتها، لكن الشرط الذي رأيته متحققاً في "موسكو" عاصمة روسيا الاتحادية، على سبيل المثال، أن كل العمالة في هذه المصانع عمالة روسية!

فالسيارات الألمانية واليابانية والأمريكية تُصنَّع في روسيا ذاتها، وأمام المواطن الروسي خيارات متعددة في امتلاك ما يريد، تفوق خياره في شراء سيارة روسية الصنع، لكن المختلف أن تلك المصانع لا تقبل أن يعمل فيها غير الروس!

ما نحتاج إليه اليوم كبداية صحيحة لهذه المشروعات الجميلة أن يكون السعوديون مقدَّمين على غيرهم في العمل داخل هذه المصانع؛ فليس الأهم أن تُصنع السيارة في اليابان أو السعودية إذا لم يستفد الشاب السعودي المؤهل والمدرب من هذه المصانع بالعمل فيها عنصراً فاعلاً، لا مجرد اسم تُعبَّأ به بعض الأوراق الرسمية!

ما زلتُ أذكر قبل ثلاث سنوات أو أكثر قصة رجل الأعمال السعودي عبد الرحمن الزامل في نادي أبها الأدبي، حين قال إن أنظمة الهند رفضت دخول مهندس سعودي ليشرف على مصنع لشركته هناك؛ بحجة أن العقد الذي تم توقيعه يشترط أن تكون جميع الأيدي العاملة في المصنع من الهنود، وفي حالة اختراق العقد فإن أسهل الحلول أمام الهند رفض افتتاح المصنع!

ليس مهماً أن تكون لدينا سيارة سعودية بقدر ما أن تكون لدينا أيادٍ عاملة سعودية، تخترق حاجز السكون والصمت والخوف، وتنتصر على نفوسنا التي تؤمن بالمستحيل، لكنها - مع الأسف الشديد - لا تُحسنالتخطيط الجيد للممكن!




http://sabq.org/XZ0aCd