قبل سنوات مضت طلب مني زميلي في العمل كفالة "كفيل غارم" لدى بنك التسليف، وبعد تفكير طويل وجهود مضنية استمرت لأيام وافقتُ على مضض مشترطاً عليه أن ينتظم في عملية التسديد والتحلي بالحرص في هذه الناحية. وبعد إتمام أوراق الكفالة والتوقيع على الأوراق التي طلبها مني موظف البنك في تلك الحقبة الزمنية تمت الإجراءات رسمياً، وصُرف المبلغ للمستفيد دونما أي هامش أرباح..!!
وبعد مرور خمسين شهراً من زمن القرض في تلك الفترة كان من الطبيعي نسيان تلك الكفالة؛ لتحدث بعدها المعاناة على طريقة "رايح جاي" حين تم إرسال خطاب لي، يفيد بأن المتبقي عشرة أقساط لم يقم المقترض بسدادها، وأنه يترتب على ذلك الخصم من راتبي. عندها حاولت الوصول لزميلي القديم الذي انتقل لمدينة أخرى بعد التقاعد، وعندما استفسرت منه عبر اتصال هاتفي بعد الوصول لرقم جواله، وسألته عن سبب تأخيره عن السداد، كان رده صاعقاً بأنه أنهى التسديد منذ وقت مبكر عن طريق الفرع الموجود بمدينته؛ وبالتالي فإن أي أمر متعلق بهذا الخصوص يُعتبر مجرد مضيعة للوقت..!!
توجهت للبنك؛ فطلبوا مني إحضار ما يُثبت عملية السداد للتأكد من الموضوع كاملاً؛ فاتصلت بالزميل السابق مرة أخرى؛ ليؤكد لي بدوره أنه ما زال محتفظاً بسندات السداد، وقام مشكوراً بإرسالها؛ فذهبت للبنك لتوضيح اللبس الذي حدث.. واليوم، وبعد مضي سنوات على هذه الحكاية، ما زلت أفكر كيف يمكن للمقترض أن يحفظ حقوقه فيما لو قام بالتسديد كاملاً لأي قرض عليه، ولكن عذره أنه لم يكن يحتفظ بالإيصالات والسندات وأرقام الحوالات التي تثبت أنه كان يقوم بعملية التسديد والإيداع بشكل منتظم حتى آخر قسط مستحق للجهة المانحة؟!
ثم ما الآلية المتبعة لدى هذه المؤسسات المانحة للقروض، سواء في السابق أو في الوقت الحالي؛ لحفظ حقوق الآخرين، من حيث عدم التساهل في إغفال تسجيل وخصم المدفوعات من قيمة القروض فور وصولها، مع الحرص على متابعتها لحظة بلحظة..؟! وتبعاً للتساؤل: أي الطرفين على حق، البنك في حال أخطأ في عملية تدوين المبالغ المسددة أم المقترض في حال حدثت إشكالية من هذا النوع؟!
وكذلك هل المطلوب من كل مقترض من أي جهة مالية الاحتفاظ بالإيصالات حتى تنتهي مديونيته، على افتراض أنه قام بسداد قيمة القرض بالكامل، لكنه لم يحتفظ بالإثبات، ونتيجة لإهمال الجهة المانحة في تدوين التفاصيل كافة في السجلات، وبعد فترة تقوم هذه الجهة بمطالبة المقترض بتسديد أقساط هو في الأصل قد قام بسدادها..؟!!
كل ما سبق مبرر كافٍ يدعونا جميعاً إلى عدم إهمال جميع الأوراق والمستندات التي تثبت حقوقنا في التسديد أياً كانت الجهة، وألا نبتعد بحدود الثقة والاتكالية كثيراً حتى بعد المخالصة؛ فكل جهة مانحة ليست على حق دائماً بخصوص التدقيق في الأمور المالية. وفي المقابل، على الجهات التي تعنى بتقديم القروض المالية الحرص على تسجيل أدق التفاصيل، والتقيد بأعلى درجات الحذر فيما يتعلق بالحقوق؛ حتى لا يضطر البعض للتسديد أكثر من مرة نتيجة "إهمال أو قصور أو نسيان أو كسل" في إدخال البيانات!!
http://sabq.org/xh1aCd