قاتلٌ صامتٌ غير مرئي، يتسلل إليك خفية دون أن تشعر!! وغالباً لا يبدي لك أعراضاً ولا مؤشرات لوجوده، حتى إذا فتك بصحتك ظهر على شكل آخر من المرض، يتمثل في نوبة قلبية، أو سكتة دماغية، أو غيرها.
إنه ببساطة ارتفاع ضغط الدم، وكما أشارت الجمعية الخيرية للتوعية الصحية في تصريحها مؤخراً فهو يُعد مشكلة كبرى من مشاكل الصحة العامة على المستوى الوطني في السعودية؛ حيث يُصاب شخص بالغ من بين كل ثلاثة أشخاص تقريباً في الفئة العمرية 25 سنة فأعلى.
وتم تخصيص يوم الصحة العالمي لعام 2013/ 1434، الذي يصادف يوم الأحد 7 إبريل، لهذه المشكلة الصحية العالمية. وكما تشير منظمة الصحة العالمية فهو يؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، وهما من المسببات الرئيسية للوفاة والإعاقة والعجز في السعودية. وتضيف المنظمة بأنه إذا تُرك دون سيطرة فيمكن أن يسبب فقدان البصر، وعدم انتظام ضربات القلب، والفشل الكلوي، وقصور القلب.
وهناك العديد من عوامل خطورة الإصابة به، إلا أنني سأركز هنا على عامل مهم، أثبتت الدراسات بما لا يدع مجالاً للشك أن له علاقة في ارتفاع ضغط الدم: إنه الملح.. الذي إن زاد على حده انقلب إلى ضده!!
والمؤسف أن مجتمعنا غارقٌ في الملح حتى الثمالة؛ فالعديد من وجبات المطاعم السريعة ترتع فيه، ناهيك عن الأطعمة المعلبة والعديد من المصبرات "السناك"، التي لا تحلو الحياة إلا بتشبعها به!! ثم حدِّث ولا حرج عن الإفراط في تناول المخللات والأجبان، فضلاً عن أنواع الموالح التي لا تكتمل مناسباتنا وجلساتنا إلا بها!! وربما يجهل البعض أن الخبز يحتوي على نسبة عالية من الملح!!
وهنا يأتي دور هيئة الغذاء والدواء بالتحرك العاجل لوضع سياسات وتشريعات لخفض نسبة الملح في تلك الأطعمة، وخصوصاً أن لدينا تجارب دولية ناجحة، منها تجربة فنلندا التي بدأت عام 1970م، ثم التجربة البريطانية، وكذلك تجارب عدد من الولايات الأمريكية التي يمكن للهيئة الاستفادة منها. وقد نشرتُ مقالاً بهذا العنوان "المملكة تغرق في الملح" قبل خمس سنوات في إحدى الصحف المحلية، وطالبت فيه الهيئة بالتحرك في ذلك الاتجاه، ولا مجيب!! فلعلها تنصت لذلك هذه المرة.
وتنصح منظمة الصحة العالمية بألا تزيد كمية الملح المستهلك يومياً على 5 جم. علماً بأن الدراسات العالمية تشير إلى أن الفرد يتناول ضِعف هذه الكمية تقريباً وأكثر.
على كلٍّ، فمواجهة هذا الخطر الصحي يستدعي ـ كما أشارت جمعية "حياتنا"ـ تبني عدد من التدخلات الوطنية الداعمة للصحة من منظور شمولي وتكاملي، ومن ذلك صنع سياسات وتشريعات وطنية متعددة القطاعات، إضافة إلى تقديم مزيد من تسهيل الوصول للخدمات الصحية والاكتشاف المبكر للمرض، وتحسين البيئة، وبرامج التوعية الصحية الفعّالة، فضلاً عن كسب التأييد واستنفار المجتمع لمواجهة ذلك التحدي. وسيكون لذلك تبعات إيجابية على المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي.
وحول طرق الوقاية منه فأقتطف لكم ما نصت عليه الجمعية في تصريحها من أن الوقاية من ارتفاع ضغط الدم والسيطرة عليه يمكن أن تتم من خلال إجراءات ميسرة ومتوافرة للجميع. ويمكن تلخيص أهم جوانب الحد من مخاطر ارتفاع ضغط الدم في التوازن الغذائي الغني بالخضار والفواكه والألياف، واستهلاك كمية أقل من الملح، والحفاظ على الوزن المعتدل، مع الانتظام في النشاط البدني، بمعدل 150 دقيقة أسبوعياً للبالغين و60 دقيقة للأطفال، إضافة إلى تجنب تعاطي التبغ والكحول المحرَّمَيْن في الشريعة الإسلامية، يُضاف لذلك أهمية السيطرة والتحكم في الضغوط النفسية، وإجراء الفحوصات الدورية.
كما نصحت الجمعية المرضى المصابين بالتقيد بتلك الإرشادات، مع الحفاظ على تناول الأدوية بانتظام وفق تعليمات المعالج، والانتظام في الفحوصات الدورية.
دمتم بصحة ومعافاة، ونصيحتي لكل بالغ بألا ينتهي هذا اليوم إلا وقد قام بقياس ضغط دمه، فهل أنت فاعلون؟!!
http://sabq.org/hh1aCd