عندما تحصل الكارثة غير المتوقعة تكون أهون مسؤولية من كونها معلومة الحدوث ولو بعد حين، وإذا علم بها قبل وقوعها، وأنها مع حدوث مسبباتها ستقع، فهذا هو التلاعب بالأرواح قبل الأموال والمشاريع..
تستيقظ تبوك هذا الأسبوع على مأساة وفاجعة عظيمة، كان سببها ضحالة البنية التحتية، التي لم تصمد كثيراً، بالرغم من صمود بعض الآثار العثمانية التي مرت عليه سنوات طائلة..
المؤسف أن هذه الحادثة كانت بعد اشهر قليلة من تصريح أعلنته أمانة منطقة تبوك، ولاحظوا ما تم وضعه بين القوسين من التصريح!!
• أن قيمة المشاريع البلدية والخدمية الجاري تنفيذها والتي تم الانتهاء منها في مدينة تبوك خلال العام الماضي تجاوزت مليار ريال.
وأوضح أمين المشاريع أنها شملت السفلتة والأرصفة والإنارة والحدائق "ودرء أخطار السيول حول مجاري الأودية"، إضافة إلى مشاريع "تصريف مياه الأمطار"، إلى جانب مشاريع "الجسور". وأضاف بأنه يجري الآن تطوير وتحسين عدد من الشوارع، من أهمها "شارع الملك خالد" والملك سعود وطريق المطار الجديد، مشيراً إلى أن الأمانة وقّعت عقوداً للصيانة والتشغيل بلغت قيمتها 195 مليون ريال، منها 4 عقود للنظافة العامة وصحة البيئة والصيانة العلاجية للشوارع داخل الأحياء. وأكد العمري أن إجمالي إيرادات أمانة المنطقة للعام الماضي تجاوزت 30 مليوناً، معرباً عن أمله بتنفيذ خطة الاستثمار للعام الحالي. ا.هـ صحيفة الوطن.
وما عانت منه تبوك هو ما بين القوسين - فالله المستعان - إضافة إلى أن أحد الشوارع مقابل مستشفى الملك خالد حصل فيه انهيار، فَصَل المستشفى عن الشارع الرئيسي؛ ما دعا إلى تدخل الدفاع المدني بالسلالم لإيصال بعض الحالات الحرجة! فأين ذهبت هذه المشاريع والتصاريح الزائفة؟..
مشاريع تبوك ذات الاهتمام هي:
"منتزهات، حدائق، أرصفة، تسوير مقابر، متاحف، زراعة ورود، دوارات هندسية"..
أما الاهتمام بالتصاريف ومجاري السيول فهو شيء ثانوي، وما يثبت ذلك ما رأيناه: هروب أهالي تبوك من سيل البقار وصفارات الدفاع المدني تحذر وكثافة السيارات والأرواح أمر مهول ومخزٍ، وكأننا لسنا في منطقة ذات اهتمام أو تستحق ذلك.
كارثة تبوك!!
كل مسؤول في تبوك كان يدرك أن هذا سيحدث مهما تأخر، لأمور:
• لأن تضاريس تبوك معروفة، ولا أحد يجهلها.
• معلوم أن تبوك تقع فوق مياه جوفية، وكثافة الأمطار قد تشكل خطراً بالغاً على الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة.
•بعض المخططات المعتمدة من قِبل الجهات تقع في وديان أو ممرات سيول؛ ولهذا نرى أحياء غارقة وأخرى ما زالت صامدة.
•القشرة الأرضية في تبوك كانت عاملاً مهماً في حدوث هذا؛ نتيجة المياه الأرضية، وكان من المفترض عدم معاملة المشاريع فيها كأي مدينة أخرى؛ لاختلاف التضاريس.
وتزداد المأساة حين انقطعت تبوك عن بقية المدن من ثلاث جهات؛ بسبب الانهيارات وانجراف الجسور والطرق، ناهيكم عن الأحياء الثلاثة حتى الآن التي تم إخلاء بعضها بالكامل إلى قصور الأفراح دون طعام، وبعضها برسوم أيضاً!
تبوك كانت تنتظر هذه الفاجعة منذ سنوات، حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فأين مكافحة الفساد من هذا الفساد؟
في بعض دول العالم يُكشف الفساد بالمحاماة والنقابة، وعندنا لا تكشفه إلا السحابة..
http://sabq.org/Zc1aCd