النافذون هم فئة بغيضة الى قلوبنا , كريهة الى نفوسنا , استحلّوا الحلال والحرام , وأكلوا الأخضر والأصفر, عاثوا في الأرض فساداً وتشبيكاً, وجاسوا خلال الديار خراباً لنا وعمراناً لهم , يحسبهم الجاهل أمراء من (الترزز)! , ويظنهم الغافل أغنياء من التلصص. يظنّوننا (قطعاناً) وليس والحالة هذه هم جزّارون بالضرورة.
هؤلاء المفسدون الذين أتحدث عنهم هم أحد أسباب الفساد في البلد, وأبرز مقومات الخلل الاجتماعي فيه, وأوائل من رسموا خطوط الفقر بأنواعه (المدقع) منها و(الفاقع) لنقبع تحتها, ثم تنكّبوا على صراطه وطاروا بالفطير كطائر البجع المتوحش , حين يصطاد فرائسه ثم يهرب الى الأعلى , غير أنهم لا يملكون (منقاراً) ولا (ذيلاً).
استغلوا في البلد مشالحهم لخدمة مصالحهم , واستثمروا معارفهم من أجل قبائلهم , فوجدوا أنظمة قائمة يستعصي بعضها على الاختراق تنظيراً , لكنها أوهن من بيت العنكبوت تطبيقاً , إما لضعف القائمين عليها أو لترهلهم , أو بسبب ضيق نظرتهم الشخصية.
يسترعي انتباهك في البلد مدناً صغيرة تملك جامعات حكومية , وأخرى أكبر منها أضعافاً حجماً وسكاناً تستجدي وزارة (العنقري) كليّة أو بعض كليّة , محافظات متقاربة تتفاوت فئات وميزانيات (بلدياتها) تصل أحياناً الى الضعف فيما هي تؤدي جميعها خدمة واحدة لا تتعدى أن تكون (نظافة) أو (ترصيفاً) أو (سفلتةً) لكن الإنسان يختلف هنا عن هناك , ربما استطاع بعضهم الوصول الى صانع القرار أو أقنعه بحجته, بلسانه , ب(معاريضه) فيما لم يستطع الآخر رغم (حاجته) الوصول اليه , تجده خلف الابواب الموصدة, و(الحاجب) المتعجرف , و(المأمور) المسكين وهو يردد قول الشاعر :
وليس يشفيني سوى نهشة ... من قطعة من كبد بواب
في أكبر شاهد على أن الأمور تسير ببركة الله , فلا تخطيط , ولا تنظيم ولاهم يحزنون .
إنني أسوق هذا الحديث وأعرف شخصياً مناطق تحظى بإدارات خدمية حيوية تتجاوز الخمسين فيما لا تصل الى مناطق أخرى الى نصف هذا العدد , فتجد الآلاف من قاطني هذه المناطق الى الاضطرار لقطع مئات الكيلومترات بحثاً عن توقيع على معاملة أو المطالبة بخدمة كان الأولى وصولها اليه, وسبب هذا التمايز البغيض هم (المتنفذون ) والذين يدورون حيث تدور (البراجماتية) , ويلفون حيث ثمّ المنفعة , وهم موجودون في أماكن محددة من هذه الخريطة , وفي كل منظمة , منهم وزراء وآخرون أمراء , ومنهم دون ذلك سبيلاً ..فهل عرفتم اسماؤهم؟!
http://sabq.org/Jc1aCd