يبدو أن كثيراً من المسؤولين في القطاعات المختلفة مصابون بداء "الزهايمر" - أجارنا الله وإياكم -، ويظهر ذلك جلياً من خلال الكثير من التصريحات التي تذهب هباء منثوراً، وبعض وعودهم التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، وبعض كلامهم الذي يبلعونه بعد التصريح به، ولا ترى تلك الوعود النور أبداً.
فكم من مشروع ينتظره الوطن والمواطن، ويُعِدّ الأيام والليالي لحلول موعد افتتاحه؛ لأن المسؤول قال سيتم خلال النصف الأول من "العام المقبل مثلاً"، لكن توالت عليه الأيام والليالي، وتعاقبت الأشهر والسنوات، وما زال حبراً على ورق، وحلماً يراود المستفيدين منه.
وكم من وزير أو مسؤول ظهر عبر أجهزة الإعلام يبشّر الناس بتحقيق أرقام قياسية من مشروع ما، ولكن الأمر انتهى بانتهاء المقابلة، أو زوال كاميرا التلفزيون عن وجهه، ولا يدري أحد إلى أي شيء انتهى المشروع.
وهذا مسؤول يصرح بأنه خلال مدة كذا نستطيع توظيف مئات الآلاف من أبناء الوطن في وظائف القطاع الخاص، من خلال المشروع الفلاني، ولكن الأمر لا يعدو أن يكون حلماً يداعب وجدان المواطن، وإذا سألت عن الموضوع بعد فترة قصيرة ربما يقال لك: أي مشروع هذا؟ ومن الذي قال لك ذلك؟ ومن أين أتيت بتلك المعلومات؟ وقتها تدرك تماماً أن هذا الصنف من المسؤولين يعاني الزهايمر؛ لأنه نسي كل ما قاله، وأسقطه عن ذاكرته تماماً، ولم يعد يذكر شيئاً مما صرّح أو وعد به.
هل هي نشوة التصريحات والوعود؟ أم هو بريق الإعلام الذي يدعوهم لإطلاق تلك التصريحات ثم التنصل عنها حينما يكون الأمر على أرض الواقع؟ هذه مفارقات عجيبة، تجعل المواطن "صاحب المصلحة الحقيقية" في حيرة من أمره؛ هل هذا المسؤول صرح بذلك أو وعد به، أم نحن واهمون؟! أين تذهب تلك التصريحات والوعود، وهي الأمل الذي يعيش عليه المواطن للحصول على المزيد من الخدمات، والحلول للمشكلات؟.. إنه الزهايمر بعينه، وإن كان للمسؤولين تسمية أخرى غير ذلك فليخبرونا بها.
وليراجع كل وزير أو مسؤول تصريحاته ووعوده التي نطق بها منذ توليه المنصب عبر أجهزة الإعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة، وليُجرِ إحصائية لذلك، وليرَ كم منها رأى النور، وتحول إلى حقيقة؟ وكم منها ذهب أدراج الرياح، أو ظل في "أدراج المكاتب"؟..
بالمناسبة، أضحكني تقرير نشرته "سبق" عن بعض الوزراء الذين يصرحون بعد إعلان الميزانيات؛ حيث اكتشفوا أن تصريح هذا العام هو تصريح العام الماضي نفسه، دون أي تغيير سوى كتابة السنة الحالية! أعتقد أن الزهايمر المصاب به بعض الوزراء من النوع الشديد جداً.
http://sabq.org/Lc1aCd