عرض مشاركة واحدة
   
غير مقروء 03-02-2013, 01:51 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مدير عام

الصورة الرمزية بتال بن جزاء

إحصائية العضو






بتال بن جزاء is on a distinguished road

 

بتال بن جزاء غير متواجد حالياً

 


المحادثة: 0
المنتدى : تغذية من المواقع
افتراضي "معرف وشــاهدان"..!!

بعد تفكير طويل، ومعاناة ذاق طعمها المرير مع الفقر وضيق الحال، قرر "مبارك" أخيراً الاتجاه نحو مقر الجمعية الخيرية الواقعة على مرمى حجر؛ حيث يسكن في بيت شعبي متهالك، يقبع في وسط أزقة قريته القديمة؛ حيث تطل عليها الصباحات البائسة، والحالكات من الدجى..!!

قرار مبارك النهائي الذهاب للجمعية جاء بدافع الاحتياج وبصيص للأمل الأخير، على طريقة "لعل وعسى" يجد ما يسد به احتياجه من المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية للمعوزين، سواء "مادية، عينية، مقطوعة"، أو صرف مواد غذائية ومعيشية وأنبوبة غاز. وما إن وقف مبارك على شباك مكتب التسجيل ليسأل الموظف "المختص" عن الشروط المطلوبة للتقديم لمثل حالته حتى أخبره دونما ابتسامة "قبول أو رضا" بأن عليه تصوير أوراقه الثبوتية، وكذلك إحضار ما يثبت أنه محتاج فعلاً ويستحق المساعدة "كورقة شفاعة أو مشهد إمام أو شيخ قبيلة أو عمدة"، فأسقط في يده، وتملكته علامات الحيرة والدهشة والاستغراب؛ ليطرح في نفسه وفكره وقرارة أعماقه السؤال المحير نفسه:

كيف أستطيع أن أثبت حاجتي، وأني فقير وظروفي غاية في الصعوبة؟ هل أحضر "شهود عيان" من الجيران؟!
هكذا دارت التساؤلات متسارعة الإيقاع في لبه وفكره وصم عقله وهو في طريق العودة لبيته العتيق، الذي يضم بين جدرانه والدته المُسنة وغرفة جلوس تميزها التشققات وعمليات الترقيع وأسلاكاً تتدلي في الصالة ذات المترين عرضاً، وضعفهما طولاً؛ حيث يوجد مكيف يعتمد على الماء، يقف منذ عقود صامداً على بضع خشبات، وقد زادت من تجاعيده الأيام وقسوة صوته المزعج.. وهناك في أقصى الجهة اليسرى من مدخل البيت وجد أمه في انتظاره تسبقها لسماع الخبر آمال عريضة على طريقة "هااااه بشّر".. بينما في الاتجاه نفسه لا يزال المطبخ خاوياً من الحياة ومن الضوء وقدح النار..!!

وفي مكان غير بعيد من والدته تمدد مبارك على لحاف العوز واضعاً رأسه المثقل بالهموم فوق وسادته الخالية الوحيدة، وبعد تنهيدة حزينة كالمعتاد أخبر والدته المسنة بأن عليه إثبات حالته، إن كان فعلاً يعيش ملامح الفقر وقلة الحال. اكتفت الأم بدورها بالصمت، وبدا على تقاسيم وجهها ذل السؤال والغضب الساكن والغيظ الدفين، ولم يبقَ ليكتمل المشهد التراجيدي للحكايات البائسة سوى ذرف الدمع على مدن الملح..!!

أمضى مبارك ليلته تلك بوعد قاطعاً لأمه بالذهاب مبكراً للبحث عمن يشفع له أو يشهد من أهل الحي.
ومع تباشير صباح اليوم التالي وساعاته الأولى ذهب لعمدة الحي طالباً منه ورقة؛ ليكمل بها إجراءات تسجيله في الجمعية الخيرية أسوة بالآخرين، فلم يمانع العمدة من ذلك شرط إحضار "معرّف وشاهدين"؛ فأسقط في يد مبارك من جديد..!!



http://sabq.org/rf1aCd







التوقيع

سبحان الله والحمد لله والله أكبر

رد مع اقتباس