المباني المدرسية "المكهربة"!!

يُعد تهالك البيئة المدرسية في العديد من مدارسنا كارثة مستترة، قابلة للانفجار في أي لحظة مسببة العديد من الوفيات والإصابات.


ويكفي لمعرفة فداحة حجم المشكلة تصفح الأخبار المحلية؛ حيث لا يكاد يخلو أسبوعٌ من خبر حول تماس كهربائي في مدرسة للبنات أو البنين، بشكل مُقلق للغاية ومُنذر بخطورة الوضع، وكان آخرها ما نشرته "سبق" قبل بضعة أيام لحريق في مدرسة بالطائف، تكررت فيها التماسات الكهربائية، وقبل ذلك في مدرسة بالمدينة المنورة أدى لإصابة 30 طالبة نتيجة التدافع والخوف.


كما لا يزال ذهني متعلقاً بعدد من الوفيات نتيجة حوادث سقوط أبواب المدارس على الأطفال في مبان مدرسية تُعد حديثة!! هذا عدا مستوى النظافة والصيانة وسلامة الملاعب ودورات المياه والمقاصف وأجهزة التكييف، فضلاً عن متطلبات السلامة كمخارج الطوارئ وتوافر طفايات الحريق والتدريب الكافي أثناء الطوارئ.


وما يظهر في الإعلام حول تردي أوضاع المباني والبيئة المدرسية المادية ليس سوى رأس جبل الجليد، الذي يخفي تحته أضعافاً مضاعفة لما يُظهره!! والمؤسف تنامي هذه الظاهرة، كما لا يبدو في الأفق وجود تعاطٍ فعّال وسريع من قِبل وزارة التربية تجاه هذه القضية الحساسة، التي يمكن أن تودي بحياة العشرات وتصيب المئات في لحظة خاطفة.



ولا أدل على ذلك من الخبر الصحفي الذي نُشر قبل بضعة أشهر عن إخلاء مديرة مدرسة متوسطة مسؤوليتها تجاه أي تماس كهربائي نتيجة عدم تجاوب إدارة التعليم معها، في دلالة واضحة على اللامبالاة من قِبل تلك الإدارة بسلامة الطالبات أو البيئة المدرسية.


وزارة التربية والتعليم مطالبة بشكل عاجل بتحديد جوانب الخلل في متطلبات السلامة وشروطها في المدارس، وتوفير الموارد الكافية لإصلاح الخلل في ظل الميزانيات الضخمة.


وأرجو ألا تنتظر الوزارة إلى حين حدوث الوفيات والإصابات لتتحرك نحو إصلاح بيئتها المدرسية. أعلم يقيناً أن هناك من سيقول إن لدى الوزارة خططاً طويلة الأمد لتحسين البيئة المدرسية، وهذا حسنٌ، ولكن لا بد في المقابل من توافر خطط قصيرة الأمد للتدخل السريع وتتدارك الخلل المهدِّد لسلامة أبنائنا وبناتنا في العديد من المدارس.


وقد أشارت هيئة مكافحة الفساد للخلل الفادح في المباني المدرسية في عدد من التصريحات الإعلامية، كان آخرها ما نُشر قبل فترة حول وضع مدرسة ابتدائية بقرية أبو جميدة بمحافظة الطائف، مستأجَرة منذ 1391هـ!! وأشارت إلى تهالك المبنى خارجياً، وأنه غير مؤهَّل لاستخدامه لأي نشاط "هل تأملتم هذه الجملة جيداً؟!!"، فضلاً عن أن يكون استخدامه لمرفق تعليمي، ولا تتوافر فيه وسائل ومقومات السلامة، كما أن ملعب المدرسة مجاور للطريق الرئيسي السريع؛ ما يشكل خطورة بالغة على الطلاب. هذا فقط مثال!!
في المقابل، فإن تعاطي الإعلام المرئي والمقروء مع ذلك لا يزال خافتاً؛ وبحاجة لمزيد من الاهتمام، ووضعه في صلب أجندة المواضيع الإعلامية، والعمل على إجراء تغطيات وتحقيقات موسَّعة حوله موثقة بالحقائق والصور، وليس مجرد أخبار عابرة. وأجزم بأن ذلك سيكون في متناول جميع المؤسسات الإعلامية؛ فالمشكلة بيِّنة ناصعة؛ لا تحتاج لمزيد بحث أو تنقيب!!
لقد رأينا كيف تعاطى الإعلام مع قضية "رهام" بكل تفاصيلها وتبعاتها، فأين هو من هذه القنبلة الموقوتة؟ أم ننتظر لحين انفجارها ومن ثم نبدأ بالصراخ والعويل والترحم على الموتى؟!




http://sabq.org/lg1aCd