ما حصل ويحصل خلال السنوات الماضية والحالية في مجتمعنا من قِبل بعض الجامعات، من تجاهل كبير لأصحاب التقديرات العالية، وبالأخص تقديرات "الامتياز" منهم، في الدراسات العليا، يُعتبر كارثة بكل المقاييس!! سوف تدفع ثمنها الأجيال القادمة، عاجلاً أم آجلاً..!!
في بعض الدول العربية أصحاب التقديرات العالية لهم الأولوية في الإعادة "معيداً" في كلياتهم التي تخرجوا منها، والأولوية أيضاً في تكملة الدراسات العليا "ماجستير ودكتوراه"، بينما في بلادنا، وفي بعض جامعاتنا تحديداً، العكس تماماً؛ فأصحاب التقديرات العالية "بنين وبنات" يهيمون على وجوههم للبحث عن وظائف في القطاعين الخاص والعام، وقد يجدون عملاً، وقد لا يجدون، في ظل مفعول الواسطة، الذي له مفعول السحر في بلادنا - مع الأسف - في كثير من القطاعات!!
قبل أيام معدودة ظهرت نتائج المتقدمين لدرجة الماجستير في جامعة أم القرى، ووجد عدد من أصحاب تقدير الامتياز أنفسهم خارج نطاق القبول!! على الرغم من سهولة الأسئلة، وتأكيدهم على الحل، وذهب بعضهم لمقابلة رؤساء الأقسام التي اختُبروا فيها، وطلب بعضهم أن يطلعوا على ورقة إجابته، ولا حياة لمن تنادي!!
وفي المقابل يجد أصحاب التقديرات كجيد ومقبول - وهذا لا يعني ألا يكون منهم كفاءات، ولكن أصحاب الامتياز متى ما كانوا أكفاء فهم أولى..! - فرصاً كثيرة للقبول، متى ما توافر لديهم مفعول "الواسطة"، ذلك المفعول العجيب، الذي لا يعترف لا بكفاءة، ولا بقياس، ولا بأي شيء، وهو الوحيد الذي وقف في وجه قياس، دون أن يتأثر به، بل أثر فيه، ولم يعترف به أصلاً!! وطبعاً يجب أن يكون واسطة من يلتحق بالدراسات العليا من منسوبي الجامعة كدكتور بها، أو أحد أبناء المشايخ، أو والده إن كان دكتوراً، أو جار له، أو أحد موظفيها الكبار.. فمثل ذاك وغيره فوراً يُقبل، ولا اعتبار أبداً للاختبارات ولا للمقابلات، ولا حتى لقياس!! بل أعرف شخصاً، لا يكاد تقرأ شيئاً مما يكتب، ومع ذلك وجد له فرصة لتكملة الماجستير، فأي واسطة هذه؟! وأي علم هذا الذي يُبخس فيه المؤهلون حقهم جهاراً نهاراً دون أي نكير عليهم من مسؤولي الجامعة، ولا من مسؤولي وزارة التعليم العالي، وعلى رأسهم وزيرها!!!
وختاماً.. على المسؤولين في وزارة التعليم العالي تدارك ذلك الأمر جيداً، والعمل على إيقاف ذلك التلاعب، الذي يحصل لأصحاب الامتياز للطلاب والطالبات على حد سواء سنوياً في تلك الجامعة وغيرها، والذي ينتج منه قبول أناس لا يفقهون شيئاً في تخصصاتهم؛ وبالتالي لا نجني منهم سوى الخسارة والفشل، وتحطيم معنويات الطلاب والطالبات الممتازين؛ كونهم لم يكونوا يوماً منهم!! فـ"فاقد الشيء لا يعطيه"، فضلاً عن كونهم يشعرون بعقدة النقص إذا ما أصبح يوماً ما أستاذاً في الجامعة، إذ كيف يصبح الفاشل أستاذاً في الجامعة؟! وفي بعض الأحيان يكون مسؤولاً بها، فعندها ووقتها يجب أن نكبِّر على العلم والتعليم أربعاً!!
http://sabq.org/Lf1aCd