زارت إحدى النساء صديقتها في منزلها، وعندما حان وقت إعداد طعام العشاء قامت لمساعدتها في ذلك.
لاحظت المرأة أن صاحبة المنزل قد قامت بقطع رأس السمكة وذيلها، فسألتها: لماذا فعلتِ ذلك؟ فأجابت صديقتها: هكذا تعلمتُ من أمي! فردت الضيفة: أمك في غرفة الجلوس لنذهب ونسألها.
سألت المرأة أمها عن السبب فأجابت: لأنني تعلمت ذلك من جدتكِ! وبعد أن أصبح فضولهن شديداً لمعرفة السبب قررن مهاتفة الجدة التي تسكن في مدينة أخرى؛ ليعرفن الجواب.
وعندما هاتفنها وسألنها قالت: كنت أفعل ذلك لأن "صينية" الطبخ الوحيدة التي كانت لدي كانت صغيرة، ولا تكفي لسمكة كاملة!
إذن، للجدة التي كانت تعيش في ظروف مختلفة أسبابها لقطع رأس وذيل السمكة، لكن الجيلين التاليين لم يكن لهما الأسباب نفسها، ومع ذلك استمرا، وبقيا على استخدام الأسلوب نفسه، دون أن يسألا لماذا؟ ودون أن يحاولا تغيير طريقة التعامل مع الأمور، حتى أنهما لم يلاحِظا أن ما يقومان به قد لا يكون مناسباً في الوقت الحالي!
ونحن كذلك نحتاج بين الفينة والأخرى إلى أن نعيد تقييم ما نقوم به، وهل ما نقوم به اليوم يوائم الظروف الراهنة أم لا؟ وهل ما زلنا نسير في الخط الصحيح وباتجاه الهدف؟ ومن المهم أن يكون الهدف واضحاًن وأن تكون هناك خطة نسير عليها؛ كي لا تذهب كل تلك الجهود هباءً، إضافة إلى وجود تكامل في الأدوار، وأن يكمل كل جهاز دور الآخر؛ فكل نجاح كبير عبارة عن نجاحات صغيرة، وعمل كل جهاز إداري يكمل عمل الآخر.
قد ينجح أحدنا، لكن نسبة نجاح الجماعة أكبر؛ فقيام أكثر من جهة أو مؤسسة بعملها سيصب في النهاية في تحقيق هدف واحد أكبر.
شبابنا اليوم ليسوا كشباب الجيل الماضي؛ الظروف اختلفت، والحياة تغيرت، ومن غير المعقول أن يتم التعامل معهم بأساليب لا تناسبهم. إن ما يحصل من سلبيات من بعضهم أو ما قد يقوم به البعض من مخالفات، كالتفحيط مثلاً، لا يمكن أن يُحلّ بأساليب قديمة؛ شبابنا لديهم من الذكاء ما يستطيعون به أن يتحايلوا على تلك الطرق القديمة، ويتجاوزوها، وخير مثال ما قاله بعض المفحطين في برنامج الثامنة لداوود الشريان، وكيف أنهم يستخدمون الإنترنت وأجهزة الهواتف الذكية في الترتيب للتفحيط، وكيف يتعاملون مع أي دورية مرور قد تعترضهم. مع يقيني بأن ما أفصحوا عنه ما هو إلا جزء يسير مما يستخدمونه من وسائل.
نعم، القضاء على ظاهرة التفحيط هدف، لكن الهدف الأكبر هو كيف نستفيد من هؤلاء الشباب، وكيف نستفيد من مهارات المتميزين منهم، إضافة إلى توفير ما يناسبهم ويناسب ظروفهم الحالية بحيث يستطيعون قضاء أوقاتهم فيما يناسب احتياجاتهم ويلبي رغباتهم.
http://sabq.org/Vd1aCd