"الخرخير".. في "غياهب".. النسيان!!

"خط الفقر".. كلمة يسمعها الكثير، ولا يعرف معناها..!! ويسمعها البعض ويتمناها..!! فالبعض لا يعرفها؛ لأنه يولد وفي فمه ملعقة من ذهب.

والبعض يتمناها؛ لأنه يعيش الفقر نفسه، تحت خط الفقر؛ فهو يتمنى أن يقترب من خط الفقر؛ لأنه أصبح هو والفقر وجهين لعملة واحدة.

لا أبالغ حين أقول مثل هذا الكلام، ومن يرى غير ذلك فما عليه إلا أن يتخيل مدينة لا زراعة فيها ولا صناعة ولا مراعي؛ فأصبحت مقفرة خاوية على عروشها؛ فلا ثروة حيوانية، ولا ثورة صناعية؛ وبالتالي تفتقر لأدنى سبل العيش.

والغريب في الأمر أن لها موقعاً جغرافياً يعادل وزن رمالها ذهباً، لو استُغل الاستغلال الصحيح؛ فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن هذه المحافظة تقع على ملتقى أربع دول؛ حيث تقع في الجزء الجنوبي الشرقي الذي يربط السعودية باليمن وعمان والإمارات، ومع ذلك تعاني معاناة لا أجد لها مبرراً إلا التناسي والإهمال.. إنها "الخرخير".. يا سادة..!!

وسأحاول أن أوجز معاناة "أهلنا" هناك في بعض النقاط؛ لأنني لو سردتها بالتفصيل فلن يفي المقال بكل هذه المعاناة، لكنني سأضعها على شكل نقاط أو عناوين.. ولك الحرية المطلقة في إطلاق خيالك لتصوير باقي المعاناة.. نعم.. خيالك.. لأن الواقع مرير..!!

ومن هذه المعاناة:
* صعوبة التواصل مع العالم:
- فلا يوجد طريق مُعبَّد سوى الطريق الذي يربطها بشرورة، والذي يمتد لمسافة "???" كلم، وأبسط معاناة في هذا الطريق أنه شبه مهجور؛ فلا ترى فيه سوى السيارات؛ فلا محطات في الطريق، ولا خدمات.
- شبكة الاتصالات ضعيفة؛ فلا يوجد سوى مشغل واحد، ولا توجد خدمة إنترنت إلا ما ندر.
* صعوبة إنجاز المعاملات:
- فلا توجد دوائر حكومية خدمية هناك سوى المرور الذي ينظم ولا يقدم خدمات؛ فكل من أراد إنجاز أية معاملة حكومية عليه مراجعة شرورة أو نجران التي تبعد عنها "???" كلم.

- ولا توجد خدمات أخرى كالشركات أو البنوك، وحتى "الصرّاف" لا يوجد بها؛ لذلك يضطر من أراد صرف "ريالات" الضمان الاجتماعي أن يسافر إلى شرورة كي يصرفها.

* ضعف الخدمات الأساسية:
- الصحة: لا يوجد سوى مستشفى واحد لا يفي بالغرض، لدرجة أنه لا يستطيع إجراء أي عملية، بل إن الولادة غير ممكنة فيه، ويضطر الناس للذهاب إلى شرورة من أجل بلاغ ولادة.

- التعليم: لا يوجد سوى مجمع مدارس واحد لا يكفي لاحتواء طلاب المنطقة، لدرجة أن بعض الفصول يصل عدد الطلاب فيها إلى "??" طالباً.

- السكن: وما أدراك ما السكن..؟!!

هذه المعاناة وحدها تحتاج لمقالات عدة؛ كي نوضح ما يعانيه إخواننا هناك؛ فيكفيك أن تعلم أن معظمهم يعيش في منازل من "الصفيح"، لا تصلح لأن تكون مأوى، فضلاً عن أن تكون منزلاً يقطنه العشرات من الأفراد؛ فبعض العوائل يتجاوز عدد أفرادها العشرة، ويعيشون في هذا "الكوخ" من الصفيح..!!

لم تنتهِ بنود هذه المعاناة؛ فعددها كبير..!!

ولم تنتهِ فصول هذه الرواية المأساوية؛ لأننا لم نرَ حلولاً باديةً في الأفق..!!

ولكننا نتساءل هنا:
إلى متى ستستمر هذه المعاناة؟!!

ولماذا كل هذه المعاناة؟!!

ولماذ لا تُحل هذه القضية؟!!

ومن المتسبب فيها؟!! ومن المسؤول عن حلها؟!!

ألا تحس الوزارات المعنية بما يقاسيه أهلنا هناك؟!!

أليست من مهام الوزارات تقديم خدماتها للمواطن فوق كل شبر من هذا الثرى الطاهر؟!

ألا يستحق "??" ألف مواطن يسكنون هذه المحافظة أن يُنظر لهم بعين العدل..؟!!!!

لماذا لا يُستغل موقعها الجغرافي المميز ليستفاد منه في إيجاد مواقع سياحية أو سوق حرة، تستفيد منها الدول الأربع التي تربط بينها هذه المحافظة؟!!

وفي الختام.. إلى متى ستبقى "الخرخير" في "غياهب" النسيان؟!!



http://sabq.org/fe1aCd