المخالفات المرورية.. بحاجة إلى التخفيـض!!

العلاقة الحالية بين رسوم وقيمة المخالفة وتطبيق النظام المروري "روحاً ونصاً" على السائق المخالف تظل علاقة طردية يميزها التأرجح؛ ذلك أن نوع وقيمة المخالفة لها تأثير في تطبيق نص النظام دون مجاملة أو تردد أو شفقة، سـواء في حال استحق السائق التوقيف أو استُدعي حجز المركبة، لا أن يُكتفى بالغرامة كما هو معمول به حالياً، والتغاضي من منظور حجم المخالفة المادي المرتفع..!!

لكن لو أن هناك تخفيضاً واضحاً في رسوم المخالفات فإن ذلك سيساعد على تطبيق النظام بسهولة؛ لانتفاء حاجز التردد، بل سيكون الأمر أكثر مرونة، إضافة إلى أن السائقين أنفسهم سيتقيدون بالتعليمات والأنظمة المرورية بشكل تلقائي، فضلاً عن سرعة التسديد المباشر أولاً بأول؛ وهذا بدوره سيجعلنا نمتلك ما هو مطلوب من ثقافة تفضي لاحترام النظام مع مرور الوقت فيما لو تم فعلاً تخفيض قيمة المخالفات، والعمل على التغاضي في تطبيق النظام..!!
فمثلاً حين يشاهد رجل المرور سيارة مخالفة تقف وقوفاً خاطئاً أثناء الازدحام في الأسواق وقت الأعياد، أو بعض الأماكن العامة كالمستشفيات، أو أثناء وقت خروج الطلاب في المدارس، أو تعرقل حركة السير على الطرقات العامة، ويكون معلوماً لدى سائق المركبة المخالِفة أن قيمة المخالفة لا مجال فيها للتغاضي أو السماح؛ كونها تحمل الحد الأدنى من العقوبة، فإنه لن يطيل التفاوض والاحتجاج، ولن يتهاون - في المقابل - رجل المرور في تطبيق النظام، والسائق من جهته لن يجد بُدًّا من الالتزام بقبول المخالفة وهو يضحك دونما تردد أو محاولة لطلب العفو والسماح على نحو "آخر مرة..!!".

لذا فإن رسوم الوقوف الخاطئ أو عدم حمل رخصة عندما يكون سقفه الأعلى خمسين ريالاً سيعزز بدوره من تطبيق النظام من قِبل رجل الضبط دون الأخذ بالرأفة، في حين أن السائق المخالف لن يسعى للمحاولة في طلب السماح أو البحث عن "واسطة" لتخفيض أو مسح المخالفة؛ ما يريح العاملين في الميدان من الإحراج وشغل الواسطة على طريقة "تكفى" وسيل من الاتصالات المحرجة.
والكلام ينطبق على تخفيض مخالفة السرعة بمعدل ثمانين ريالاً، وكذلك قطع الإشارة حين تُخفَّض إلى مائتي ريال..!!

أمر آخر مهم، حينما تنخفض رسوم المخالفات فإن التسديد سيكون هو اللافت، على العكس تماماً حينما تكون الغرامة أكثر خمسمائة ريال فما فوق، وتتراكم إلى أن تصل إلى عشرة آلاف وأكثر؛ فالعديد من المخالفين لن يسددوا بسهولة، وسيعمدون إلى طرق أخرى "ملتوية"؛ ففي حال رغب أحدهم في شراء مركبة خاصة به فسيضطر لتسجيلها باسم أحد أقربائه، ورخصة القيادة لن يحاول تجديدها أو إصدارها طالما أن مبلغ المخالفات يعتبر ثلث ميزانيته السنوية، هذا على اعتبار أنه ليس عاطلاً أو طالباً جامعياً من الأساس..!!

فنحن، ورغم ارتفاع رسوم المخالفات، ما زلنا نرى المخالفين كل يوم دون رادع أو وازع؛ وبالتالي فالأولى أن يعاد النظر في تحديد سقف المخالفات وتخفيضها إلى الربع من إجمالي قيمة كل مخالفة في الوقت الحالي، خاصة أن الهدف هو تعزيز مبدأ احترام النظام والقوانين المرورية؛ الأمر الذي سيجعل عملية التطبيق أكثر سرياناً؛ إذ لا مجال فيه للتهاون أمام المخالفين بعد تخفيض قيمة المخالفات بشكل واضح وكبير..!!



http://sabq.org/BY0aCd