شبابنا وسيول تبوك

مع الأحداث الأخيرة في مدينة تبوك وبعض المدن الشمالية التي تعرضت لسيول، اضطر معها عدد من الأُسر لترك منازلهم واللجوء إلى أماكن آمنة يلوذون بها، ظهر لنا من جديد معدن أبناء الوطن وشبابه الأصيل، وأثبتوا أن بعض الشباب من ذوي التصرفات غير المسؤولة، الذين تنقل لنا وسائل الإعلام سلوكياتهم الخاطئة من وقت لآخر، ما هم إلا قلة، لا يمثلون شباب الوطن؛ حيث رأينا كيف أنهم هبوا للوقوف مع الدفاع المدني والإسعاف والمرور، وكيف أنهم عملوا كمجموعات تطوعية لتقديم الأكل وتوفير بعض الملابس والبطانيات التي احتاج لها أولئك الناس.

قد يقول أحدهم إن من المفترض أن يكون هناك جهات معنية تقوم بهذا العمل، ولا يكون للجهود التطوعية حاجة. وقد يقول آخر لماذا يقوم المتطوعون بهذا العمل في الوقت الذي يجب أن يقوم به موظف رسمي متفرغ لذلك؟! ما قد يغفل عنه هؤلاء أن العمل التطوعي ما هو إلا مكمل للعمل الرسمي، ومن الاحترافية في العمل الجماهيري أن يكون هناك عوامل مساعدة، يستفاد منها عند الحاجة، والحاجة للمتطوعين تظهر عندما يكون هناك حالات طارئة أو كوارث؛ ويستلزم الأمر وجود عدد أكبر من الناس لإنجاز المهمة وتجاوز الخطر في أسرع وقت، ليس لأن عدد الموظفين الرسميين لا يكفي، وإنما لأن الظروف أعلى من المتوقع؛ فليس من المنطق مثلاً أن يتم توظيف ألف من رجال الدفاع المدني في منطقة لا تحتاج إلى أكثر من خمسمائة، وفي الوقت نفسه من المهم أيضاً أن يكون عدد رجال الدفاع المدني في تلك المنطقة متوافقاً مع عدد السكان ومساحتها.

أكثر ما قد يواجه المتطوعين من تحديات إدارية هو عدم وجود مرجعية رسمية لعملهم، تقوم بالتخطيط والتوجيه؛ حتى تتم الاستفادة من تلك الإمكانيات بشكل أفضل، إضافة إلى أن وجود جمعيات ترعى العمل التطوعي سيؤدي إلى تنظيمه بشكل أفضل، والعمل على استمراريته وتطويره، كما ستكون حلقة وصل بين المتطوعين والجهات ذات الاحتياج. ولنا في جمعية الكشافة مثال يحتذى؛ حيث إن أثرها واضح في خدمة الحجيج.

الأعمال التطوعية لا تعني العشوائية، ولا تعني عدم الالتزام؛ فنجاحها يعتمد على التنظيم والتخطيط، كما أنها تتم وفق الإمكانيات المتاحة، وتسعى للاستفادة من المتخصصين في وقت الحاجة بشكل احترافي، يعود نفعه على المجتمع والوطن.



http://sabq.org/bd1aCd