الحاج هو المقياس يا سمو الأمير

شهد المسرح الإعلامي السعودي بشقَّيْه التقليدي "قنوات رسمية وصحف" والجديد "تويتر وفيس بوك" جدلاً حول نجاح حج هذا العام، وبعض الأخطاء الذي حدثت هنا وهناك.
بداية، لا يُنْكِر جهود السعودية الحثيثة في تطوير الحج إلا جاهل أو مكابر، وللعاملين منا أطيب الدعاء وأعطره.. لكن هذا لا يمنع أبداً من الاستماع لوجهات النظر الأخرى عملاً بالهدي النبوي: "الحكمة ضالة المؤمن"؛ حتى نواجه أي مشكك في نجاح الحج بالأدلة والبراهين.
ولخلق مثل هذه البيئة التقييمية لا بد من خضوع النتائج "نجاح الحج أو فشله" لمعايير علمية، لا تحابي أحداً، يأتي في مقدمتها وأكثرها أهمية: قياس رضا العميل "Customer Satisfaction Measurement"
وهو بكل بساطة منهج علمي دقيق مبني على خطوات متسلسلة لقياس رضا العميل "الحاج هنا" عن الخدمات التي قُدِّمت له طوال رحلته، امتداداً من وصوله إلى السعودية، إلى مغادرته. والهدف هو قياس جودة الخدمات والجهود المبذولة كإدارة الحشود في الحرمين والتفويج في عرفة والمبيت في مزدلفة وأيام منى وترتيب رمي الجمرات وجودة التغذية والنظافة والخدمات العامة كدورات المياه، وغيرها من القضايا. وتنظَّم هذه النقاط بشكل علمي، ويتم استفتاء 10.000 حاج كل سنة حدًّا أدنى، شريطة أن تمثل هذه العينة الملايين الموجودة؛ حيث تؤخذ عينة من كل الدول والأعراق، ويكون الهدف الذي نطمح إلى وصوله مثلا 80% من الحجاج. بمعنى: إذا أبدى 80% من عشرة آلاف حاج رضاهم عن الخدمات المقدَّمة والمذكورة آنفاً فإن هذا هو الاحتفال الحقيقي والمقياس العلمي الدقيق الذي سيُسكت كل متربص وشامت، وإن لم يصل رضا العميل للهدف المنشود فإن الخطوة القادمة أن نبحث عن نقاط الخلل للمحاسبة.
ولنتفرض أن الحجاج اتفقوا على الرضا التام عن كل الخدمات باستثناء تنظيم الركوب بقطار المشاعر؛ حيث حصد 40% من الرضا، فإننا أمام قضية واضحة لا بد من طَرْقها، وهي تحديد أهم المشاكل التي واجهتهم في القطار، وحلها في السنة القادمة.
سمو الأمير خالد الفيصل.. أنت الأعرف بأن الحاج هو العميل البسيط الأهم، الذي يجب أن يكون مركز الرعاية والاهتمام، وهو "الترمومتر" الحقيقي لقياس نجاح أو فشل الجهود المبذولة بالحج.. لماذا؟ لأن هذه الملايين ستعود لأوطانها بواحد من اثنين: انطباع جميل عن هذا البلد وأهله، أو انطباع سيئ عن هذا البلد وأهله. والإشكالية الكبرى أن الانطباعات الأولى عادة ما تبقى في الذاكرة، ويصعب محوها.
سمو الأمير.. لا بد أن تكون هذه الجهة التي تتولى قياس رضا العميل "الحاج" مستقلة مالياً وإدارياً وسياسياً عن كل اللجان المكلَّفة بالحج، وتُدار أعمالها بكل شفافية ووضوح، وتُنشر تقاريرها بالصحف كل عام، من أجل أشرف عملاء عرفهم التاريخ: حجاج بيت الله الحرام.
أخيراً: هذا ما فعلته إدارة لندن في إدارة الملايين عندما وفدوا إليها لحضور الأولمبياد قبل أشهر، وهو السر الوحيد الذي جعلهم يديرون الفعالية باحتراف؛ وذلك لأنهم يعلمون مسبقاً أن أي جهة لا يصل رضا العميل "السياح الذين قدموا لحضور الفعاليات" فيها للهدف المنشود سوف تُحاسَب حساباً عسيراً!



http://sabq.org/TW0aCd