وزير الإعلام.. والحج.. وعمود عرفة!!

موسم الحج فرصة ثمينة للغاية، يمكن بكل يُسر وسهولة استثمارها عالمياً في نشر قيم العدالة والمساواة في الإسلام. وفي بلد كالمملكة، التي تواجه هجمة شرسة منظَّمة لتشويه سمعتها وقيمها وأصالتها من قِبل مؤسسات إعلامية غربية، يأتي موسم الحج كطبق من ذهب لوزارة الإعلام لاستثماره في تحسين سمعة المملكة عالمياً.


في المقابل، فإن المتابع لبرامج وزارة الإعلام خلال موسم الحج في الأيام الماضية يتأكد لديه أنها تعمل دون استراتيجية واضحة، أو رؤية عالمية في ذلك، ولن يجد سوى إعلام تقليدي يفتقد ـ في معظمه – الاحترافية والمهنية العالية؛ فما زال عملها يقتصر على مقابلات مع المسؤولين أو عدد من الحجاج، ثم مشاهد حية للحجيج، في صورة نمطية رتيبة.


أكتب هذا المقال بعدما أجّج مشاعري تجاه وزارة الإعلام مشهد في القنوات السعودية، أقل ما يقال فيه أنه مشهد ارتجالي، يفتقد أبجديات النظرة الإعلامية المهنية. في يوم التاسع من ذي الحجة تنقل لنا القناة الأولى، وبعض أخواتها، مشهداً لعرفة، وتحديداً للوحة التي تمثل حدود عرفة، ثم يركز المصوِّر على بعض الحجاج وهم يتسلقون عمود اللوحة، ويبدأ المشهد في التنقل بين أسفل العمود وأعلى اللوحة؛ ليبين الحجاج وهم يتسابقون في الصعود، ثم يتكرر المشهد مراراً. هنا توقفت ملياً، وقلتُ: أي رسالة وأي منهجية تريد أن تبعثها وزارة الإعلام للعالم بهذا المشهد؟!!


وزارة الإعلام مطالبة بنزع الارتجالية في عملها وفي التعاطي مع مثل هذه التظاهرة العالمية، التي لا تمتلكها أي دولة في العالم؛ لتستبدل استراتيجية إعلامية ذات بُعد عالمي ممنهج بها.

وإذا كانت الوزارة لا تملك الكفاءة والإمكانات في صنع ذلك فلا أقل من أن تصنع شراكات مع مؤسسات إعلامية عالمية متخصصة؛ فما الذي يمنعها من أن تعقد شراكة مع مؤسسة ناشيونال جيوغرافك، على سبيل المثال، لإصدار أفلام وثائقية، يمكن بثها في دور السينما حول العالم وفي القنوات العالمية؟ ثم لِمَ لا تنسق مع أشهر مقدمي البرامج الغربية لتغطية أحداث الحج ومناسكه، وليس مجرد تغطية إخبارية من قِبل بعض القنوات الغربية؟ وقبل ذلك لِمَ لا تستعين بخبراء عالميين في صنع استراتيجية مبنية على أسس علمية لكيفية استثمار الحج في الدعوة إلى الله، ونشر قيم الإسلام بين شعوب العالم، وكذلك تحسين الصورة الذهنية للمملكة بين غير المسلمين؟..


معالي وزير الإعلام، أجزم بأن العمل في ذلك واسع وميسر لمن امتلك الإرادة، ولن يحتاج إلى أكثر من التزام سياسي، يضع ذلك في صلب أجندة عمل وزارة الثقافة والإعلام، ومتى ما تم ذلك للوزارة فهي تحقق هدفين عالميَّيْن معاً، ثقافياً وإعلامياً.


معالي وزير الإعلام، لا أريد أن أهضم جهود الوزارة فيما تقدمه في موسم الحج، لكنه ما زال قائماً على التقليدية البعيدة عن الإبداع والتجديد الذي يُعَدّ مطلباً للبرامج الإعلامية. وكما تعلم فالوزارة تنفق سنوياً عشرات الملايين لإنتاج مسلسلات رمضانية، أقل ما يُقال في معظمها أنها تخدش الحياء، عدا كونها تصادم ثقافتنا وثوابتنا، أفلا يستحق موسم الحج، الذي يعزز من قيمنا وأصالتنا، أعظم من ذلك؟!!





http://sabq.org/ZW0aCd