من أهم ركائز نجاح الإدارة تدوير الوظائف؛ لما له من أثر إيجابي وصحي، من خلال ضخ دماء جديدة نشيطة، وبخاصة إذا كانت شابة، يكون لها بصمة مؤثرة بدعم مسيرة تلك الإدارة، والاستفادة من الخبرات الجديدة والتراكم العلمي والمعرفي السابق في تحقيق أهداف ورؤية المؤسسة، وهذا ما يُعمل به في كثير من المؤسسات العالمية، خاصة كانت أو حكومية، وهو ما يغيب تماماً في وطننا العزيز؛ حيث أصبح فيه كثير من القيادات يمتلكون حجة استحكام على ذلك الجهاز أو تلك الإدارة، ما لم يكن هناك أيضاً بندٌ ينص على التوريث!
لذا فإن أي شخص على علاقة مباشرة بمراجعة أجهزة الدولة، أو حتى القطاع الخاص الذي هو الآخر تأثر برتابة وملل الأجهزة الحكومية، يعتقد من خلال العمل على إنهاء معاملته، التي يغلب على إجراءاتها الكثير من التعقيدات والروتين الإداري الممل، أن القائم على هذا الجهاز تحت التدريب؛ لذا هناك تعثر في الأداء، وتبعثر في العطاء، وهو لا يعلم أننا في عصر الثانية الواحدة، التي تنتج فيها معرفة جديدة، وتحديث في المعلومة، وخروج جيل جديد في التقنية؛ ما يتطلب متابعة ومواكبة كل ما هو جديد، الذي يتطلب أن تتوافق الأنظمة واللوائح معها من خلال التحديث المستمر وتوظيف ما يناسب الحدث؛ فهناك أنظمة "بائتة"، لا تتلاءم والعصر الحديث، ناهيك عن الحاجة الملحَّة للتدريب والتطوير المستمرَّيْن؛ ليصبح هناك توافق ما بين تدوير الوظائف من ناحية وتقدم وعطاء الجهاز من ناحية أخرى، وهذا ما جعل كثيراً من الدول الأخرى - وإن كان منها نامية - تسبقنا في كثير من المجالات، رغم امتلاكنا موارد مالية هائلة وكوادر بشرية مبدعة، لكن يبقى التعقيد الإداري وتمسك الرئيس بكرسي رئاسته، والفارق الزمني والعمري بين زمن الرئيس والوقت الحاضر، وبين الرئيس ومرؤوسيه أو جمهوره الذي يتعامل معه، هو من أهم أسباب تخلفنا الذي يمكن تجاوزه من خلال تدوير الوظائف بمدة زمنية لا تتجاوز السنتين ابتداء بالوزير، وانتهاء بالفراش.
الدكتور/ عبدالله بن فلاح الناهسي
http://sabq.org/7Z0aCd