إن الدفاع المدني من المؤسسات الخطيرة في الدول ويعنى به عناية فائقة في كل دول العالم ولا ينحصر دوره في الكوارث بل دوره الحقيقي يبدأ من شروط السلامة ومعايير الجودة في المنشئات والمصانع والطرق وغيرها مما هو معلوم وقد ظهر دفاعنا المدني في خير صوره وأجودها من جهة خدمة رجاله وتضحياتهم وتفانيهم في العمل وبإمكانك أن تدخل الإدارة العامة للدفاع المدني لترى عدد الذين فقدوا في إنقاذ إخوانهم نحسبهم شهداء فالحريق والهدم والغريق شهداء وهذا ظاهر لذي عينين ، ولكننا في زمن ينكر فيه الخير لأهله ويبحثون عن استحداث شماعات ليعلقوا عليها أخطاء الآخرين وكثيرا ما يترك المتسبب الحقيقي وهذه أكبر مظاهر الفساد ، ولما وقعت كارثة جدة اتهموا الدفاع المدني مع أنه لا دخل له في الكارثة بل تتحملها البلدية لأن المباني في مجاري السيول ليس من الدفاع المدني والبيارات المزورة التي ليس تحتها شيء ليست من مسئولية الدفاع المدني وأدوات الكهرباء الصينية التي تسبب الحرائق... ولكنه الفساد.
وما حصل في تبوك كان شاهدا جديدا على نجاح رجال وإدارة الدفاع المدني الذين تفانوا في خدمة بلادهم وقد رأيت الرجل منهم يلقي بنفسه في النار وفي المياه وفي وقت الكوارث لينقذ عائلة أو أشخاصا تضرروا فأقلوا اللوم عاذل والعتابا وقولوا إن أصاب الدفاع المدني لقد أصابا وكثير منهم يضحي بأوقاته في خدمة بلاده وإني لأستطيع أن أقول من أكثر القطاعات تفانيا وخدمة لبلادهم ومواطنيهم هم الدفاع المدني ومن استنجد بهم عرف معنى كلامي.ففي تبوك لم يكن البناء في مجاري السيول من خطأ الدفاع المدني ولكن الدفاع المدني أظهر براعة حين استطاع القيام بدوره في إخلاء المنطقة بسرعة فائقة وترتيب عجيب فلم يصب أحد ولم يمت أحد ولو كانت إمكاناتهم أكبر من الواقع لفعلوا أكثر ولرأيت العجب العجاب ، ولذا نناشد الولاة حفظهم الله تعالى أن لا يبخلوا عن هذا الجهاز الخطير وهم لا يبخلون ولكن نريد مزيدا من الكرم والعطاء لهذا الجهاز المهم الفعال في الدولة.
كما أقترح أن يحول معهد الدفاع المدني لأكاديمية الدفاع المدني وتربط به جميع معاهد التدريب ويعطى ميزانية أكبر تليق به وتسمى أكاديمية الأمير محمد بن نايف للدفاع المدني أسوة بأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية وأكاديمية نايف للأمن الوطني وقد حققتا نجاحا باهرا ونطمح أن تكون أكاديمية الدفاع المدني هي أكبر أكاديمية للدفاع المدني في العالم.
ولقد ساءني جدا بعض التغريدات من أناس نظنهم محسوبين على التيار الإسلامي بل على أهل القرآن بتغريدة غير مسئولة لا تليق بمقامه فقد قال الشيخ الكلباني ساخراً عبر تغريده في تويتر: "أنا اليوم في رأس الخيمه بس فرصه أمر دبي أشتري مايوه أخاف تمطر في الرياض وما نعرف ننقذ الغرقي"..وقال في تغريدة أخرى رداً علي مواطن طلب منه أن يشتري له مايوه أيضاً، قال الكلباني: "وش رأيك نقترح مايوه لكل مواطن أمان من الغرق ونقترح مايوه لكل رجال الدفاع المدني لأنه اتضح أنه أهم أسباب عجزهم في الإنقاذ".وانتقد الكلباني الإجراءات المتخذه في أوقات السيول بقوله: "لا جديد، مواطن يغرق، ولجنه تكّون، ولا مسؤول يسأل!"..
فأقول من حق الكلباني وغيره أن ينتقد المسئولين لكنه ليس بهذه الطريقة المزرية فمقامك لا يليق بمايوه ولا مايوه لكل مواطن فأنت تعرف كلمة مايوه وتعلم ظلالاتها وما تنطوي عليه لا يليق أن تتسفل لتلك الدرجة فإن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها أو سفاسفها ثم لم نر لك تعليقا على البلدية التي هي المسئول الأول عن الطرق ومجاري السيول وليس الدفاع المدني ثم في تبوك قام الدفاع المدني بعمل ناجح وهو الإنقاذ صميم عمله ولم يقصر فيه والعام السالف كانت معالجة السيول رائعة في الرياض وكل بلاد الدنيا معرض للكوارث ويحدث في كوارث يعجز عنها الدفاع المدني كحريق مبنى ويندسور التجاري في قلب المنطقة التجارية في العاصمة مدريد بأسبانيا عام 2005م ولم يخرج أمثالك باتهام الدفاع المدني الذي ظل ساعات لا يقدر على السيطرة على الحريق حتى وصلت درجة الحرارة في داخل المبني 1500 درجة وخارجها ثمانمائة درجة.وسكان تبوك حوالي نصف مليون وكل أئمة المساجد تدعو للدفاع المدني في الجمعة السابقة يا مسكين فلماذا الضرب في أجهزة الدولة بهذا الشكل ولماذا إضعاف السلطة التنفيذية في الدولة فقد ذكرتني بجبهة إنقاذ مصر (جبهة تدمير مصر)ولستَ بحمد الله –كما نظنك-على شاكلتهم ، وقد أخلى الدفاع المدني جميع الأحياء قبل الغرق وأنا أعلم أن معالي الفريق سعد التويجري من أوائل من يحضر بنفسه في تلك المواقع كما عرفت ذلك عنه من مثال حادث الغاز الشهير وغيرها كما في جدة فنرجو أن نتعاون مع جهاز الدفاع المدني وقد جاء أصحاب بعض الكوارث كما في منطقة عين دار بالمنطقة الشرقية وشهدوا للدفاع المدني بحسن التصرف في المواقف وأن المتسبب فيها أحد المواطنين وليس كما اشتهر عن الناس من عيب الدفاع المدني من أن الدفاع المدني قد رش الماء على الكهرباء وهذا كذب لأن رجال الدفاع أول من يهلك وأهل المناسبة نفوا ذلك وغيرهم كثير وكلامهم مسجل فليتق الله المبطلون ومن تعرض للدفاع المدني وانتقده في حادث المدرسة وغيرها أناس قد تكلم فيهم كما أن التجمهر يعطل أعمال الدفاع المدني كثيرا فالأولى أن ننتقد الظواهر السلبية ونتحقق في اللوم قبل إلقاء الكلام هكذا على عواهنه والله أمرنا بالتبين والتحري للحق.
http://sabq.org/bf1aCd